ألقى الرئيس أردوغان كلمة في حفل إفطار السفراء التقليديين
قال رئيس الجمهورية السيد رجب طيب أردوغان، في كلمة ألقاها خلال اجتماعه مع سفراء الدول الأجنبية المقيمين في أنقرة، على مأدبة إفطار رمضاني: "نحن على استعداد لتحمّل المسؤولية كضامنين من أجل منع تكرار المجازر في قطاع غزة وإعادة إعمار المنطقة. يجب على الجميع أن يدرك هذه الحقيقة الآن. لن يكون من الممكن تحقيق السلام والاستقرار الدائمين في منطقتنا أو في العالم، بدون حل عادل للقضية الفلسطينية".
التقى الرئيس أردوغان سفراء الدول الأجنبية المقيمين في أنقرة، على مأدبة إفطار رمضاني أقيم في المقر الرئيسي لحزب العدالة والتنمية.
وفي بداية كلمته قدم الرئيس أردوغان شكره الجزيل إلى السفراء على قبولهم الدعوة والمشاركة في مائدة الإفطار الرمضاني، داعيا الله سبحانه وتعالى أن يعود رمضان بالسلام والطمأنينة والرفاهية على الشعب التركي والإنسانية جمعاء".
"إسرائيل تواصل جرائم الحرب بشكل وحشي"
أوضح الرئيس أردوغان أنهم لم يستقبلوا شهر رمضان الفضيل شهر السلام والتضامن والرحمة، بالفرحة والبهجة هذا العام، بسبب العديد من الأحداث التي يشهدها المحيط القريب لاسيما في قطاع غزة. مستطردا بالقول: "على الرغم من هذه الأيام المباركة، إلّا أننا نشعر بالحزن الشديد لاستمرار الألم والدموع في جغرافيتنا القريبة من قلوبنا. حيث استشهد 32 ألفا من إخواننا في الهجمات الإسرائيلية المستمرة منذ 5 أشهر على قطاع غزة والأراضي الفلسطينية المحتلة. كما أصيب 73 ألف فلسطيني جراء القصف العنيف الذي يستهدف المدنيين والأماكن السكنية".
وأضاف السيد الرئيس أن إسرائيل حوّلت غزة قبل تاريخ 7 أكتوبر/ تشرين الأول إلى سجن مفتوح بالفعل من خلال الحصار الذي فرضته على مدار 17 عاما. متابعا: "لقد جعلت من قطاع غزة خلال الأشهر الخمسة الماضية "معسكر إبادة" ضخم، لم نشهد له مثيل إلّا إبّان الحرب العالمية الثانية. وتحوّلت غزة إلى أكبر مقبرة للأطفال والنساء في العالم، جراء الهجمات الإسرائيلية الوحشية. لسنا وحدنا الذي يقول هذا، بل يقول ذلك كل إنسان له ضمير يزور المنطقة ويعيش في قطاع غزة ويراها. لكن عندما نتحدث نحن بذلك، ينزعج نتنياهو وعصابة القتل التابعة له ويعتقدون أن بإمكانهم إسكاتنا من خلال وصفنا بمعاداة السامية. لقد جرّبوا كل الطرق السرية والعلنية في هذا الشأن، لكنهم لم يتمكنوا أبدا من منع طيب أردوغان من رفع صوته بالحق والحقيقة. واليوم أيضا لا يستطيعون أن يمنعونا من وصف القاتل بالقاتل والظالم بالظالم".
"يجب أن تحاسب إسرائيل على موت الأطفال من العطش والجوع في قطاع غزة"
أكد الرئيس أردوغان أن على الإدارة الإسرائيلية أن تحاسب على موت الأطفال من العطش والجوع في قطاع غزة، بدلا من محاولة إخفاء حقيقة الإبادة الجماعية من خلال مهاجنة تركيا ورئيسها. مضيفا: "قبل أن يتبنى نتنياهو وأعوانه أكاذيب لا يصدقها أحد؛ فليشرحوا لنا، لماذا 31 مستشفى من أصل 35 في قطاع غزة معطلة؟ لماذا قتلوا نحو 400 من الكوادر الطبية في هذه المستشفيات، بمن فيهم أطباء وممرضات؟ لماذا دمروا 220 دار عبادة بينها مساجد تاريخية. لماذا حوّلوا 90 بالمئة من المؤسسات التعليمية إلى أنقاض. إن أولئك الذين قتلوا المدنيين الأبرياء خلال انتظارهم في الطابور لشراء بعض الدقيق أو الحصول كيس معكرونة أو ربما قطعة من الخبز الجاف، ليس لديهم أي شيء يمكن أن يقولونه لنا. مهما فعلت الإدارة الإسرائيلية، فلن تتمكن من إخفاء حقيقة أنها قاتلة وظالمة ولصّة وكاذبة وفاشية.
"إسرائيل تزداد غطرسة إلى حد تهديدها الدول الداعية لوقف فوري لإطلاق النار"
أشار رئيس الجمهورية إلى أن الجانب الأكثر خطورة في هذه المسألة هو مواصلة إسرائيل مجازرها على الرغم من قرار محكمة العدل الدولية المؤقت، وكأن شيئا لم يحدث. مستطردا بالقول: "إن إسرائيل التي لا تستمع لأحد، تواصل جرائم الحرب بوحشية، بل وتزداد غطرسة إلى حد أنها تهدد الدول التي تدعو إلى وقف فوري لإطلاق النار. ولا تكتفي إسرائيل بجعل الشعب الفلسطيني يدفع ثمن فاتورة غرورها وتكبّرها المستمر منذ قرن من الزمان، والسكوت على مجازرها واستيلائها على الأراضي والسرقات التي تقوم بها. بل في الوقت نفسه، يتم إجبار المؤسسات الدولية أيضا على دفع هذه الفاتورة. إن تكلفة فقدان الثقة في المؤسسات الدولية، سوف نتحملها جميعا في الأعوام المقبلة، على هيئة المزيد من الإرهاب والمزيد من عدم الاستقرار".
وتابع السيد الرئيس حديثه بالقول: "يؤسفني أن أقول إن ما يمنح نتنياهو وشركاءه في الجرائم هذه الشجاعة، هو السياسات المترددة وغير المتوازنة لأولئك الذين يقدمون الدعم العسكري والدبلوماسي غير المشروط إلى إسرائيل. مضيفا: "في الوقت الذي تواصل فيه الطائرات نقل الأسلحة والذخائر باستمرار من العواصم الغربية إلى تل أبيب، فإن الجمل المراوغة لم يبقَ لها أي معنى. وفي الوقت الذي تستمر فيه الهجمات والحصار على قطاع غزة، نعلم جميعا جيدا أن المساعدات الحالية ليس كافية".
"يجب زيادة عدد الشاحنات التي تدخل عبر بوابة رفح إلى المستوى المطلوب"
شدد الرئيس أردوغان على أن الحاجة الأكثر إلحاحا في هذا الوقت هي زيادة عدد الشاحنات التي تدخل عبر بوابة رفح الحدودية. مضيفا: "بالطبع، يتطلب هذا الأمر المزيد من الضغط على إسرائيل. نحن في تركيا قمنا حتى الآن بإيصال أكثر من 40 ألف طن من مواد المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة عبر مصر، وما زلنا نواصل العمل في هذا الصدد. ووصلت قبل بضعة أيام سفينة تابعة للهلال الأحمر التركي ومنظماتنا المدنية إلى ميناء العريش المصري. وسنواصل خلال شهر رمضان زيادة مساعداتنا من خلال مؤسساتنا الرسمية والبلديات والأوقاف والجمعيات المعنية. كما أننا على استعداد لتحمّل المسؤولية كضامنين من أجل منع تكرار المجازر في قطاع غزة وإعادة إعمار المنطقة".
وأوضح السيد الرئيس أن على الجميع أن يدرك الحقيقة التالية. مستطردا بالقول: "لن يكون من الممكن تحقيق السلام والاستقرار الدائمين في منطقتنا أو في العالم، بدون حل عادل للقضية الفلسطينية. والسبيل الوحيد لتحقيق ذلك، هو إقامة دولة فلسطينية مستقلة ذات سيادة ومتكاملة جغرافيا، وعاصمتها القدس الشرقية، على أساس حدود عام 1967. نحن جميعا مدينون للأطفال الفلسطينيين الذين قتلوا؛ ولا يمكن سداد هذا الدين إلا بإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة. إن تركيا كما فعلت حتى الآن، ستقوم بحماية أشقائها الفلسطينيين، وستواصل الصراخ بالحق والحقيقة، ولن تتراجع أبدا في الوقوف في وجه الظالمين".