"إرساء هيكل حوكمة عالمي عادل وشامل ضرورة ملحّة لتجاوز أزمة الثقة التي تعصف بالساحة الدولية"

قال رئيس الجمهورية السيد رجب طيب أردوغان، في كلمة له خلال مشاركته في الجلسة العامة للمجتمع السياسي الأوروبي المنعقدة في العاصمة الألبانية تيرانا: "هناك حاجة ماسة إلى إرساء بنية حوكمة عالمية تتسم بالعدالة والشمول بغية التغلب على أزمة الثقة التي تشهدها الساحة الدولية. وبصفتنا القارة الأوروبية، يقع على عاتقنا أن نبدأ هذا التحوّل من الداخل، وفقًا لأسس تقوم على مبدأ عدم قابلية الأمن للتجزئة، وتقاسم أكثر عدالة للرخاء".
شارك الرئيس أردوغان، في الجلسة العامة للمجتمع السياسي الأوروبي المنعقدة في العاصمة الألبانية تيرانا تحت عنوان "أوروبا الجديدة في عالم جديد: الوحدة والتعاون والعمل المشترك".
وفي كلمة القاها أمام الحضور قال الرئيس أردوغان: "لقد اجتمعنا اليوم لبحث رؤية جديدة تُعيد تعريف مسار قارتنا. وفي ظل التحديات الراهنة، تزداد الحاجة أكثر من أي وقت مضى إلى العمل بوحدة، انطلاقًا من التعاون وبروح الشراكة الفاعلة. هناك حاجة ماسة إلى تأسيس بنية حوكمة عالمية تتسم بالعدالة والشمول بغية التغلب على أزمة الثقة التي تشهدها الساحة الدولية. وبصفتنا القارة الأوروبية، يقع على عاتقنا أن نبدأ هذا التحوّل من الداخل، وفقًا لأسس تقوم على مبدأ عدم قابلية الأمن للتجزئة، وتقاسم أكثر عدالة للرخاء".
وتابع قائلًا: "في هذه اللحظة الحاسمة التي نناقش فيها مستقبل الأمن الأوروبي، تُعدّ جهود الاتحاد الأوروبي الرامية إلى تطوير صناعة دفاعية مستقلة خطوة بنّاءة. ونرى أن من المهم أن تشمل هذه الجهود الحلفاء من خارج الاتحاد، شريطة ألا تُقوّض الدور المحوري الذي يضطلع به حلف شمال الأطلسي (الناتو)."
"تركيا لاعب محوري في عملية تحوّل الطاقة"
لفت الرئيس أردوغان، إلى أن تركيا تتمتع بأهمية استراتيجية كبرى بفضل اقتصادها الذي يبلغ حجمه 1.3 تريليون دولار، وسكانها الشباب والنشط الذين يزيد عددهم على 85 مليون نسمة، إلى جانب صناعتها التنافسية وموقعها الذي يوفّر وصولًا مباشرًا إلى أبرز أسواق المستهلكين العالمية.
وفي هذا السياق، شدد الرئيس رجب طيب أردوغان على أن "تحديث الاتحاد الجمركي مع الاتحاد الأوروبي سيسهم بشكل فعّال في تعزيز أمن واستقرار سلاسل التوريد".
وقال: "تركيا، التي تمتلك أكثر بنى الطاقة التحتية تطورًا في المنطقة، تُعدّ لاعبًا رئيسيًا في عملية التحوّل نحو الطاقة النظيفة. وتوفّر المبادرات التركية في مجال الطاقة المتجددة فرصًا كبيرة ليس فقط على الصعيد المحلي، بل تمتد فوائدها لتشمل المنطقة بأسرها. إن تركيا تُسهم من خلال موقعها المركزي على طرق النقل متعددة الأطراف، إسهامًا كبيرًا في ضمان استمرارية سلاسل التوريد إلى أوروبا".
"علينا حشد جميع مواردنا لضمان إيصال المساعدات الإنسانية إلى غزة"
فيما يتعلق بالمحادثات بين أوكرانيا وروسيا الجارية في إسطنبول، قال الرئيس أردوغان: "تستمر المحادثات بين روسيا وأوكرانيا وتركيا برئاسة وزير خارجيتنا اليوم في إسطنبول. لا أعتقد أنه ينبغي لنا إضاعة هذه الفرصة. في هذه المرحلة، نعتمد على دعم جميع شركائنا الحاضرين هنا لإبقاء قنوات الحوار بين أوكرانيا وروسيا مفتوحة".
من جهة أخرى تطرق الرئيس أردوغان، إلى الكارثة الإنسانية غير المسبوقة المستمرة في غزة على مدار 20 شهرًا، مضيفًا: "يُقتل يوميًا العشرات من الأبرياء، غالبيتهم من الأطفال والنساء. آن الأوان لأن نقول بوضوح: توقفوا، كفى. إن السياسات المتشددة والعدوانية والمتغطرسة التي يتبناها رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو تُعرّض غزة وأمن المنطقة بأسرها وسكانها من مختلف الديانات للخطر. نتطلع من أوروبا أن تُظهر قدرًا أكبر من الحماس والمسؤولية لدعم الجهود الرامية إلى وقف إطلاق النار في غزة. إن تقاعس المجتمع الدولي عن التصدي لمعاناة أكثر من مليوني إنسان يواجهون خطر المجاعة في غزة لا ينسجم مع القيم الأخلاقية ولا مع أبسط معايير الكرامة الإنسانية. وإلى جانب التوصل إلى وقف دائم لإطلاق النار، يتعين علينا تعبئة كافة مواردنا لضمان من أجل إيصال المساعدات الإنسانية، والعمل على إعادة إعمار غزة لتصبح قابلة للحياة من جديد. ويجب أن يبقى هدفنا الأسمى هو تنفيذ حل الدولتين، باعتباره السبيل الوحيد لتحقيق سلام مستدام في المنطقة".
"نأمل أن يتم رفع العقوبات التي فرضها الاتحاد الأوروبي على سوريا فورًا"
وفيما يتعلّق بالتطورات في سوريا، أكد الرئيس أردوغان أن إعلان الرئيس الأمريكي رفع العقوبات المفروضة على سوريا يُعدّ خطوة قيّمة للغاية نحو تحقيق الازدهار في البلاد في أقرب وقت ممكن، مضيفًا: "بهذا القرار، أثبت الرئيس ترامب مجددًا مدى اهتمامه بتحقيق الاستقرار والتنمية في المنطقة. ونأمل أن يشكّل هذا التحرك نموذجًا يُحتذى به من قِبل الدول الأخرى."
كما أعرب الرئيس أردوغان عن تطلّعه إلى أن "يبادر الاتحاد الأوروبي إلى رفع العقوبات المفروضة على النظام السابق دون تأخير، وأن يقدّم الدعم المالي اللازم لجهود إعادة الإعمار."
وأشار إلى أن هذا الدعم "سيسهم بطبيعة الحال في تسريع عودة السوريين في الخارج إلى ديارهم، بشكل طوعي وآمن وكريم".