"نسعى جاهدين لضمان مستقبل الشعب والوطن"

قال رئيس الجمهورية السيد رجب طيب أردوغان، في خطاب ألقاه عقب ترأسه اجتماع مجلس الحكومة الرئاسية: "ليعلم شعبُنا جيدًا أننا لم نسعَ يومًا لتحقيق مصالح سياسية أو مكاسب شخصية، نحن نسعى جاهدين لضمان مستقبل الشعب والوطن. ومن خلال مسيرتنا نحو "تركيا خالية من الإرهاب"، نسعى لأن نترك لأبنائنا وطنًا ينعمون فيه بالأمن، والسعادة، والرخاء"
ترأس الرئيس أردوغان اجتماع مجلس الحكومة الرئاسية في المجمع الرئاسي بالعاصمة أنقرة، وعقب الاجتماع ألقى خطابا موجها للشعب تطرق فيه إلى القضايا التي تم تناولها في الاجتماع، حيث قال:
"نحن منخرطون في جهد متعدد الأبعاد بغية رفع مكانة تركيا، وتعزيز وحدتها بالأخوّة، وإيصال "مئوية تركيا" إلى أهدافها المنشود بسلاسة، إلى جانب تحرير وطننا من قيود استمرت لنحو نصف قرن، وعلى رأسها آفة الإرهاب الانفصالي. ولهذا، إن تطلّب الأمر خوض المخاطر فنحن نخوضها، وإن استوجب النضال فنحن نقوم به، وإن احتاج الأمر استخدام القوة فنحن لا نتردد، وإن لزم الحوار والنقاش فنحن لا نخشى القيام به. ليعلم شعبُنا جيدًا أننا لم نسعَ يومًا لتحقيق مصالح سياسية أو مكاسب شخصية، نحن نسعى جاهدين لضمان مستقبل الشعب والوطن. ومن خلال مسيرتنا نحو "تركيا خالية من الإرهاب"، نسعى لأن نترك لأبنائنا وطنًا ينعمون فيه بالأمن، والسعادة، والرخاء. همّنا هو الشعب، وعشقنا هو تركيا. كل ما نقوم به، نقوم به من أجل وحدة 86 مليونًا، ومن أجل استقرارهم وسلامهم. كل ما نفعله، نفعله من أجل نصرة تركيا ونجاحها.
"إذا لم يتم إيقاف إسرائيل فورًا، فلن تتردد في إحراق العالم"
إن إسرائيل تبذل جهدًا في إغراق منطقتنا في سفك الدماء، والفوضى، والاضطراب. فمنذ السابع من أكتوبر 2023، استشهد أكثر من 58 ألفًا من إخواننا الفلسطينيين في غزة، وتجاوز عدد الجرحى 138 ألفًا. لم تكتف إسرائيل بارتكاب المجازر في فلسطين، بل وسّعت عدوانها ليطال لبنان، واليمن، وإيران، حيث قتلت الأبرياء وقصفت المناطق المدنية. ولم تكتف بذلك، فقد نقلت خلال اليومين الماضيين ساحة عربدتها إلى جارتنا سوريا، متذرعةً بالدروز. وأود أن أقولها مرة أخرى، بوضوح وصرامة: إسرائيل دولة إرهاب لا تعترف بالقانون، ولا تحترم القواعد، ولا تلتزم بالمبادئ، وهي كيان متغطرس، مدلّل، فاقد لكل ضبط، ومنفلت من كل قيد. إن عدوانية إسرائيل هي أكبر مشكلة في منطقتنا حاليًا. وكل هذه المآسي والوحشية والإبادة والعدوان، التي عصفت بالمنطقة بأسرها، لن تُمحى من الذاكرة أبدًا، وستبقى ندوبها غائرة في ضمائر الأجيال. إن لم يتم إيقاف هذا الوحش عند حدّه فورًا، فلن يتردد في إشعال النيران، أولًا في منطقتنا، ثم في العالم أجمع. نحن نرى هذه الحقيقة جيدًا، وعبّرنا عنها بجرأة وبأعلى صوت على مدار عامين. ولم نقف عند حدود الكلام، بل اتخذنا التدابير اللازمة لمواجهة جميع السيناريوهات المحتملة.
وأوكد مجددًا إن حماية وحدة أراضي جارتنا سوريا ووحدتها الوطنية وهويتها متعددة الثقافات هي سياستنا الأساسية.
"أكراد سوريا إخوة أشقاء لنا شأنهم شأن مواطنينا الأكراد"
لم نوافق على تقسيم سوريا بالأمس، وقطعا لن نوافق اليوم ولا غدا. إن من يحلم بإنشاء ممر يفصل الجنوب عن الشمال، ويهدد وحدة الأراضي السورية، فمصيره الفشل بإذن الله. ونحن، مع إخواننا وأخواتنا السوريين، لن نسمح بتحقيق هذه الأطماع. من يتمسكون بحبل إسرائيل سوف يدركون عاجلا أم آجلا أنهم ارتكبوا خطأ فادحا في حساباتهم. أريد من الجميع أن يدرك أن أكراد سوريا إخوة أشقاء لنا شأنهم شأن مواطنينا الأكراد، وهم جزء لا يتجزأ منا وبإذن الله تعالى لن نسمح أن يكونوا مقبلات على مائدة الصهيونية. أمنيتنا الكبرى أن يعيش الشعب السوري، بكل أطيافه عربًا، وتركمانًا، وأكرادًا، ومسيحيين، وسُنّة، وعلويين، ودروزًا في سلام ووئام. فهذا هو السبيل إلى خير سوريا وازدهارها. سوريا مستقرة، ستخلق استقرارا لجميع الدول المحيطة بها، أما إذا حدث العكس، لا قدّر الله سيتحمل الجميع أعباء ذلك. ومن هذا المنطلق، نُعرب عن أصدق مشاعر التضامن مع الشعب السوري وحكومته.
أُؤمن إيمانًا راسخًا بأن أخي العزيز، الرئيس أحمد الشرع، قادر على تجاوز هذه التحديات كافة، بفضل قيادته الحكيمة، وحنكته، وبُعد نظره، وصلابة موقفه. وقد أجريتُ اليوم اتصالًا هاتفيًا مع السيد الرئيس، حيث ناقشنا تطورات الأوضاع الميدانية، لا سيّما السبل الممكنة لوقف نزيف الدم وإنهاء دوامة العنف. هناك تواصل مستمر يجري بين وزاراتنا وأجهزتنا الأمنية المعنية ونظيراتها السورية، في إطار التعاون والتنسيق المشترك. ونحن نتابع عن كثب، وسنواصل متابعة، جميع المستجدات في سوريا، وخاصة ما يتعلق بأزمة السويداء.
"نريد السلام والاستقرار في منطقتنا، وقد قمنا بكل ما يلزم لتحقيق ذلك"
ومع الأسف، نشهد محاولات لتقويض وقف إطلاق النار الذي تم التوصل إليه أمس بمساهمة فعّالة من بلدنا، وذلك عبر مجازر ارتُكبت بحق المسلحين، بتحريض من إسرائيل. إن إسرائيل تُثبت مجددًا أنها لا تسعى إلى السلام أو الهدوء أو الاستقرار، لا في غزة ولا في سوريا. أسأل الله أن يتغمّد برحمته إخواننا وأخواتنا السوريين الذين استُشهدوا بدمٍ بارد في الهجمات الإسرائيلية، وفي مجازر الميليشيات الانفصالية. نحن في تركيا، سنواصل الوقوف إلى جانب سوريا، ودعم أشقائنا السوريين، كما فعلنا دائمًا في الماضي، وسنفعل في المستقبل. وأولئك الذيم يبحثون عن مستقبل آمن لهم من خلال الاضطهاد والمجازر عليهم ألا ينسوا أنهم راحلون ونحن الباقون، فنحن أصحاب هذه الأرض".