"الأمم المتحدة تحتاج للإصلاح ولا يمكن ترك العالم في أيدي الأعضاء الخمسة الدائمين"
قال رئيس الجمهورية السيد رجب طيب أردوغان في كلمة ألقاها خلال مشاركته في منتدى قناة تي آر تي العالمية (TRT World): "إن الأمم المتحدة بحاجة إلى الإصلاح، ولا يمكن ترك العالم في أيدي وألسنة الأعضاء الخمسة الدائمين فيها. يجب أن يتم التغيير في أسرع وقت ممكن، ومن غير المقبول أن يكون هناك خمسة أعضاء دائمين و15 عضوا مؤقتا. لا يمكن إدارة هذا العالم بهذه الطريقة".
شارك الرئيس أردوغان في منتدى قناة تي آر تي العالمية (TRT World) الذي يعقد تحت شعار "عالم على حافة الانهيار: إدارة الأزمات والتحولات". وفي البرنامج الذي أقيم في مركز مؤتمرات إسطنبول ألقى السيد الرئيس كلمة بهذه المناسبة.
"كل أزمة هي نافذة مفتوحة لفرصة من أجل تحقيق العدالة والسلام"
قال الرئيس أردوغان إن الأزمات الإنسانية المستمرة في العديد من المناطق الجغرافية بدءا من غزة إلى أوكرانيا ومن غرب إفريقيا وصولا إلى جنوب آسيا، تكشف هشاشة النظام العالمي الحالي بشكل أكبر في كل مرة. مضيفا: "ولكن هناك حقيقة لا يمكن إنكارها، وهي أن هذه الأزمات تدعو لتضامن أقوى من أجل مستقبل مشترك للبشرية. وكما أقول دائما، كل أزمة تعتبر فرصة أيضا. وهي نافذة مفتوحة لفرصة من أجل تحقيق العدالة والسلام والهدوء والأمن والاستقرار".
وأكد السيد الرئيس أن كل أزمة لديها القدرة على أن تكون منعطفا لعهد جديد ومبشرا لبداية جديدة، بالنسبة لأولئك الذين يستطيعون الاستفادة من الأزمات بشكل صحيح. مستطردا بالقول: "عندما نتدبر تاريخ البشرية، نجد أمثلة لا حصر لها على ذلك. ومثال على ذلك، من بين أهم نتائج الحرب العالمية الثانية التي فقد فيها الملايين من البشر أرواحهم، كان تأسيس منظومة الأمم المتحدة التي تعد المنبر الأوسع لكل البلدان كبيرها وصغيرها لتجتمع معا. فهل يمكننا الاستمرار مع الأمم المتحدة هذه الآن؟ لا... إن الأمم المتحدة بحاجة إلى الإصلاح، ولا يمكن ترك العالم في أيدي وألسنة الأعضاء الخمسة الدائمين فيها. يجب أن يتم التغيير في أسرع وقت ممكن، ومن غير المقبول أن يكون هناك خمسة أعضاء دائمين و15 عضوا مؤقتا. لا يمكن إدارة هذا العالم بهذه الطريقة".
"لا يمكن إحلال السلام والاستقرار الدائمين في الشرق الأوسط دون حل عادل للقضية الفلسطينية"
وأضاف السيد الرئيس بالقول: "بمناسبة اليوم العالمي للتضامن مع الشعب الفلسطيني، أود بالأصالة عن نفسي وبالنيابة عن شعبي أن أعرب بأخلص المشاعر عن دعمنا الثابت للقضية العادلة لأشقائنا الفلسطينيين الذين يتعرضون للقمع والاحتلال والظلم والإبادة الجماعية. لقد أصبح من الضرورة القصوى إيصال المساعدات بشكل كافٍ وآمن ومتواصل وغير منقطع إلى غزة التي استشهد فيها 50 ألف من إخوتنا الفلسطينيين الأبرياء، معظمهم من النساء والأطفال. نحن في تركيا قمنا بإرسال 86 ألف طن من المساعدات الإنسانية إلى أشقائنا الفلسطينيين حتى الآن. كما نواصل زيادة مساعداتنا للمظلومين في المنطقة، قبل حلول فصل الشتاء".
وأكد السيد الرئيس أن الإبادة الجماعية التي تحدث في غزة يجب أن تواجه العقوبة وفق معايير القانون الدولي. مستطردا بالقول: "لا يمكن إحلال السلام والاستقرار الدائمين في الشرق الأوسط دون التوصل إلى حل عادل للقضية الفلسطينية الإسرائيلية. إن قيام دولة فلسطينية مستقلة ذات سيادة ومتكاملة جغرافيا ضمن حدود عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية وفقا للقانون الدولي، هو شرط لا غنى عنه لتحقيق سلام عادل ودائم في المنطقة. ونؤكد أن تركيا مستعدة لتحمل كافة أنواع المسؤوليات من أجل إحلال السلام العادل والدائم وتنفيذ الحل الشامل. كما أننا سنواصل بكل عزيمة وقوة وبشكل متزايد دعمنا الذي نقوم به منذ اليوم الأول للشعب الفلسطيني المظلوم ونضاله المشروع".
"ألم الشعب المظلوم في غزة وفلسطين ولبنان هو ألمنا جميعا"
أشار الرئيس أردوغان إلى أن تركيا دولة وشعبا ترفع صوتها عاليا ضد المجازر المرتكبة في قطاع غزة، منذ اليوم الأول. مضيفا: "نحن على استعداد كامل لتحمل المسؤولية بكافة أشكالها من أجل وقف الإبادة الجماعية في غزة وتمهيد الطريق لإحلال السلام الدائم. إن قلوبنا جميعا تتمزّق عندما نرى الأطفال ينتظرون في الطابور لساعات وأقدامهم العارية تحت المطر والطين من أجل الحصول على وعاء من الحساء. فهل يمكن لصاحب القلب الأبيض وليس القلب الحجر أن يصمت عن مثل هذه المأساة؟ إن ألم الشعب المظلوم في غزة وفلسطين ولبنان هو ألمنا جميعا. وهكذا يجب أن يكون. إن الرضا بالظلم هو ظلم أيضا. ومن يقف إلى جانب الظالم يشاركه في ظلمه".
وأوضح السيد الرئيس أن الأمة التركية فتحت أبوابها على مصراعيها في وجه كل من تعرض للظلم عبر التاريخ، سواء كان يهوديا أو مسيحيا. مستطردا بالقول: "نحن لا نسأل في عالمنا عن هوية المظلوم ولا معتقد الظالم. أقولها بكل وضوح وصراحة: نتمنى ونأمل أن تنتهي حالة الجنون هذه المستمرة منذ 420 يوما كاملا والتي حوّلت منطقتنا إلى بحر من الدماء. وفي هذا الإطار، نرى أهمية كبيرة في مذكرة الاعتقال التي أصدرتها المحكمة الجنائية الدولية بحق نتنياهو وغالانت".
وأعرب رئيس الجمهورية عن تمنياته باستمرار وقف إطلاق النار الذي تم التوصل إليه بين إسرائيل ولبنان قبل يومين. متابعا حديثه بالقول: "إضافة إلى ذلك، يجب التوصل إلى وقف مستدام لإطلاق النار في غزة أيضا في أقرب وقت ممكن، قبل أن تشتد ظروف الشتاء، وقبل أن تسفك المزيد من دماء الأبرياء، وقبل أن يشعر المزيد من الأمهات والآباء بألم فقدان أبنائهم، وقبل أن يتيتم المزيد من الأطفال، وقبل أن تتزعزع الثقة في المؤسسات الدولية بشكل أكبر، باختصار قبل أن تفقد الإنسانية بمؤسساتها وقيمها المزيد من الكرامة. لقد دافعت تركيا عن ذلك الأمر منذ اليوم الأول، وهي اليوم أيضا على نفس موقفها".